تطوير الذات
صناعة الأهداف الحياتية
في منتصف القرن الماضي أخَذ فريق للأبحاث السلوكية من كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد – عيِّنةً عشوائية – عددُها مائة من طلاَّب السنة النهائية، وسألوهم: ماذا يريد كلُّ واحد منهم أن يكون بعد عشرِ سنوات من تخرُّجه، فأجابوا جميعًا: إنهم يريدون أن يكونوا قوًى مؤثِّرة في دنيا المال والأعمال.
ولاحَظ الباحثون أن عشرةَ طلاَّب فقط من المائة وضَعوا أهدافًا محددة، مفصَّلة، مكتوبة، ووضَعوا خططًا لتحقيقها.
وبعد مرور عشر سنوات قام فريقُ الأبحاث نفسُه بزيارات متابعة لكامل أفرادِ العينة، فوجَدوا أن ما يملِكه هؤلاء الأشخاصُ العشَرة الذين حدَّدوا أهدافهم كتابةً – يعادلُ (96%) من إجمالي الثروة التي يملِكها الآخَرون.
ومن هنا فإن خبراء تطوير الذات يشيرون إلى أن الأهداف الواضحة تتيح للفرد أن يتجاوزَ العقبات والعراقيل، ويُنجِز في وقت قصير أضعافَ ما ينجزه غيرُه في وقت أطولَ؛ ذلك أن المرءَ بلا هدف إنسانٌ ضائع، والهدفُ ببساطةٍ؛ هو الغايةُ التي تريدُ أنْ تُحققُها وتنجزُها؛ فهو يختلفُ كُلياً عن الرغبةِ والأُمنيّة، لذلك عندما تصنعُ أهدافَك؛ فاجعلْ في ذهنِك الإرادةَ والعزيمةَ على إنجازِ هذه الأهدافِ، فالرغبةُ والأُمنيّةُ، بل والقراراتُ المجرّدةُ؛ ليست ذاتَ جدوَى، ما لم يُصاحبْها إرادةٌ تُحوِّلُها واقعاً محسوساً.
وقد تحدث “د. براين تريسي” عن هذا الأمر بالتحديد في كتابه “الأهداف” حينما قام بالإشارة إلى الفرق بين الهدف والأمنية، فالغالبية يحملون أمنيات وليس أهدافًا، ومن أمثلة تلك الأمنيات “كن سعيدًا” – “اجمَع ثروة” – أو “تمتَّع بحياة أُسَرية سعيدة”.
ويقول د. براين: “كل هذه ليست أهدافًا على الإطلاق، إنها مجرد خيالات شائعة بين كل الناس، إن الهدف شيء مختلف تمامًا عن الأمنية، إنه واضح ومكتوب ومحدد، يمكن وصفه بسرعة وسهولة لشخص آخر، ويمكنك قياسه، ويمكنك معرفة ما إذا كنت قد حقَّقته أم لا”. إن من أسبابِ النجاحِ في الحياةِ؛ أنْ تتعلّمَ كيف تضعُ أهدافَك؟ وتسعَى لتحقيقِها؟ فحياتُنا مليئةٌ بأدوارٍ مختلفة، ومساحاتٍ متعددةٍ من المسؤولية, عندما يُفقَدُ التوازنُ بين أدوارِنا في الحياةِ، وبين أهدافِنا وطموحاتِنا؛ فإننا نُخفِقُ في تحقيقِ النجاحِ، وقد نُضحي بأهدافِنا أو نُهملُ مسؤولياتِنا، فوضعُ الأهدافِ يساعدُنا في عملِ تَوازنٍ بين أعمالِنا ونحقق ما يسمى بعجلة الحياة المتوازنة.